علاج إدمان الأدوية

علاج إدمان الأدوية

يشير مصطلح إدمان الأدوية أو إدمان الوصفات الطبية إلى إحدى حالات التعلق النفسي والسلوكي بأحد العقاقير الكيميائية دون أن يكون الشخص في حاجة إليه، ويعد إدمان الدواء واحد من أخطر أنواع الإدمان؛ إذ كشفت الدراسات أن النسبة الأكبر من حالات إدمان الدواء ترجع إلى الاستهتار في تناول العقاقير الدوائية دون الرجوع إلى الطبيب المختص أو تعاطيها بنسب أكبر أو لفترات أطول من المفترض، بناء على ذلك فإن المدمن عادة لا يعي حقيقة إدمانه إلا في وقت متأخر.

 

علاج إدمان الأدوية

 

مظاهر الإدمان على الأدوية

حدد الأطباء مجموعة العلامات الدالة على إدمان الأدوية وجاءت متشابهة بنسبة كبيرة مع أعراض إدمان المخدرات؛ تتمثل فيما يلي:

  • استمرار الشخص المدمن في تعاطي دواء معين دون أن يكون في حاجة مُلحة إليه
  • الشعور بحالة من الضيق والتوتر وأحياناً الألم في حالة الانقطاع عن تعاطي دواء معين
  • يكون الشخص المدمن على الدواء متقلب المزاج وسهل الاستثارة وسريع الغضب
  • الرغبة الدائمة في الانعزال والميل إلى الوحدة والانطوائية وتعد هذه إحدى أعراض الإدمان العامة والمباشرة
  • الشعور الدائم بحالة من الفتور الذهني والعضلي بالإضافة إلى اضطرابات النوم سواء كانت متمثلة في حالة دائمة من النعاس أو نوبات الأرق المستمرة

بالإضافة إلى مظاهر الإدمان على الدواء السابق ذكرها هناك مجموعة من أخرى من المؤشرات السلوكية الدالة على حدوث الإدمان مثل:

  • إهمال المظهر العام والنظافة الشخصية
  • إهمال القيام بالواجبات الاجتماعية والالتزامات العملية
  • الحرص على إبقاء الدواء قريباً مثل حمله في الحقيبة الشخصية أو الاحتفاظ به في السيارة
  • شراء نوع محدد من الدواء بكميات أكبر من المعتاد

 

أدوية تسبب الإدمان

 

تصنيفات أدوية تسبب الإدمان

يضم تصنيف أدوية تسبب الإدمان كم مهول من العقاقير وأقراص الأدوية مثل أدوية الاكتئاب والمسكنات وغيرها، تلك العقاقير العلاجية تحتوي على تركيبات كيميائية ذات تأثير مباشر على النواقل العصبية التي تمثل حلقة الوصل بين مختلف خلايا المخ، أي أن تأثيرها يتطابق تقريباً مع التأثير الناتج عن تدخين مخدر الحشيش.

يؤثر التركيب الكيميائي لتلك الأدوية على وظائف خلايا المخ بأشكال مختلفة، إلا أن أغلبها يتسبب في حدوث اضطراب في مستويات الدوبامين والسيروتونين وهي مواد كيميائية متواجدة في خلايا المخ والمسؤولة عن الإحساس بالسعادة والمتعة والعاطفة، نتيجة لذلك فإن تناول تلك الأدوية يمنح الشخص شعوراً مزيفاً بالانتشاء مما يؤدي إلى إدمان الأدوية والعجز عن الامتناع عنها.

من أكثر الأدوية المسببة للإدمان شيوعاً وانتشاراً -حسب ما جاء في الدراسات التي تناولت تلك الظاهرة- ما يلي:

  • مسكنات الألم: بعض مسكنات الألم القوية يكون لها تأثير مباشر على الخلايا العصبية والإفراط في تناولها يؤدي إلى الإدمان وبصفة خاصة مجموعة الأدوية التي يدخل في تركيبها مشتقات المورفين أو الأفيون
  • مضادات الاكتئاب: تأتي هذه العلاجات في مقدمة تصنيف أدوية تسبب الإدمان حيث أنها ذات تأثير مباشر على مستويات السيروتونين وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالمتعة والسعادة ومن ثم فإن من أعراض انسحاب تلك المواد الشعور بحالة من الضيق والتوتر مما قد يدفع البعض إلى الاستمرار في طعاتيها لفترات أطول
  • المنومات والمهدئات: يتم وصف هذا النوع من العقاقير العلاجية عادة لعلاج اضطرابات النوم وحالات الأرق، تلك الأدوية ذات تأثير مباشر على الجهاز العصبي المركزي
  • الأدوية المنشطة: تستخدم في علاج العديد من أمراض الجهاز العصبي وخاصة مرض فرط الحركة والتشتت الذهني ADHD كما تستخدم أحياناً في علاج مشاكل السمنة

يشار هنا إلى أن تناول أدوية تسبب الإدمان لا يؤدي بالضرورة إلى إدمانها، بمعنى أن الإدمان هو أحد الآثار الجانبية لتلك الأنظمة العلاجية ويأتي دائماً نتيجة سوء الاستخدام، مثل تناول الدواء دون وصفة طبية أو تناول جرعات أكبر من المحددة من قبل الطبيب.

 

مراحل علاج إدمان الأدوية

 

طرق ومراحل علاج إدمان الأدوية

ظاهرة إدمان الأدوية لا تختلف كثيراً عن إدمان المخدرات أو إدمان الكحوليات، حيث أن كلا النوعين من الإدمان لهما نفس الأعراض الانسحابية المزعجة تقريباً، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى نوبات الصرع والتشنجات العضلية؛ لذلك يفضل إيداع المدمن داخل مركز رعاية متخصص لإتمام عملية العلاج تحت إشراف طبي متخصص.

يتم علاج إدمان الأدوية داخل مركز الكابين العلاجي بواسطة أساليب متنوعة ومراحل متدرجة وذلك على النحو الآتي:  

مرحلة تنقية الجسم من السموم

تتمثل المرحلة الأولى والأهم من مراحل علاج إدمان الأدوية في تخليص الجسم من رواسب العقاقير الإدمانية بصورة تدريجية، تختلف مدة انسحاب السموم من الجسم تبعاً لنوع الدواء المدمن عليه ومدى قوة المادة الفعالة الداخلة في تركيبه.

يتم خفض جرعة الدواء الإدماني بنسبة 25: 30% تقريباً خلال الأيام الثلاثة الأولى من بدء برنامج العلاج، ثم يتم خفض النسبة بمقدار 10: 20% كل بضعة أيام حسب درجة استجابة المريض واستقرار حالته الجسمانية والنفسية.

 

العلاج الدوائي المعزز

يلجأ الأطباء عادة خلال المراحل الأولى من علاج إدمان الأدوية إلى استخدام مجموعة من العقاقير العلاجية التي تلعب دوراً محورياً في تهيئة المريض نفسياً لتقبل العلاج، كما تساعد تلك العقاقير على الحد من شدة الأعراض الانسحابية المؤلمة وأهمها مجموعة الأدوية المضادة للاكتئاب ومجموعة مضادات الصرع.

 

العلاج النفسي المتزامن

تتضمن برامج علاج إدمان الأدوية داخل مركز الكابين لعلاج الإدمان توفير الرعاية النفسية اللازمة للمريض خلال فترة التعافي على يد مجموعة من خبراء الطب النفسي المتخصصون، يهدف العلاج النفسي للمدمن على تناول أحد العقاقير الدوائية إلى تحقيق عدد من الفوائد أهمها الآتي:

  • تأهيل المريض نفسياً لتقبل البرنامج العلاجي والاستجابة له بشكل أسرع، حيث أن رغبة المريض في التخلص من الإدمان -أيا كان نوعه- تمثل حوالي 50% من فعالية العلاج
  • تهدف جلسات العلاج النفسي إلى التغلب على السبب الأصلي الذي دفع الشخص إلى الإدمان على نوع معين من الأدوية المسببة للإدمان ما لم يكن السبب عضوياً
  • يعمل العلاج النفسي على إشعار المدمن بقدراته وقيمته ويساعده على استرداد ثقته في نفسه ويؤهله للانخراط في المجتمع من جديد وكل تلك العوامل تقلل تقلل بنسبة كبيرة من احتمالات تعرض المريض لانتكاسة في المستقبل

يتم إجراء جلسات العلاج النفسي في حالة إدمان الأدوية بالتزامن مع اتباع برنامج العلاج الدوائي وليس بعده كما هو الحال بالنسبة لبرامج علاج الهروين والكحول، حيث أن معاونة المريض على التخلص من الأسباب التي دفعته إلى تعاطي مضادات الاكتئاب والمهدئات يسرع من وتيرة العلاج ويحسن نتائجه.

 

الدعم الأسري لعلاج الإدمان

 

الدعم الأسرى المعنوي

يعتبر الدعم المعنوي من الأسرة والأصدقاء أحد محاور علاج الإدمان الدوائي الرئيسية، حيث يجب أن يشعر المريض بالاحتواء أثناء وبعد العلاج من الإدمان، كما يجب الحرص على إبعاده تماماً عن الضغوط.

يعقد الطبيب النفسي المشرف على الحالة اجتماعات دورية مع المقربين من المدمن يطلعهم خلالها على تطور حالته النفسية ومدى استقرارها، كما يعرفهم الدور المطلوب منهم وكيفية القيام به ومدى أهميته؛ إذ أن شعور المدمن بأنه منبوذاً من قبل المقربين قد يتسبب في إعاقة عملية العلاج بدرجة كبيرة بينما إحساسه بالاحتواء وتلقي الدعم النفسي يؤدي إلى تحقيق العكس.