لنَحمِل التغييرات الإيجابيّة التي قمنا بتَحقيقِها في شهرِ رمضان إلى بقيّة العام

رمضان هو أقدَس وقت في السنة. هو الفترةُ التي نَقومُ فيها بتجديد التزامنا بإيماننا الديني وتعزيز عزيمتنا الأخلاقي، ونشارك فيه حُبنا لله بالعبادة والخِدمَة وتَمضية وقتٍ ممتعٍ مع عائلاتنا. في هذا الشَّهر التَّاسع، نَقومُ بإحياءِ ذِكرى ليلةِ القدر التي كَشَف اللهُ فيها القرآنَ لرَسولِه، ونفعل ذلك بالصّلاة والقراءة والإحسانِ والصّيام الذي يرفعُ الرّوحَ والمعنويات.

يمكننا أيضًا انتهاز فَرصة حُلول شهر رمضان لإجراء تغييراتٍ دائمة، وذلك عبر المضيِّ بتفانينا المُتجدّد وعاداتنا الطيبة إلى فترة ما بعد العيد. يُمكن أن يكون هذا أمراً عِلاجيًا، وخاصة لأولئك الذين يعانون من الإدمان ومشاكل الصِّحة العقلية.

 

تُشير المغنية الصوفية السابقة آسيا حمدولاي إلى شهر رمضان باعتباره الشَّهر الذي غيّر حياتها بالكامل: “رمضان هو شهرُ المغفرة والإحسان وتنقية الجسم والعقل والروح”، وتَقولُ أيضًا: “هو وقتٌ نتقرّبُ فيه من القَديرِ لنشكره على كُلِّ النِّعَمِ الرّائِعة التي أنعَمِ بها علينا”.

 

 

رمضان: وقتٌ للتأمّلِ الذّاتي

 

 

لعلّ أكثر شعائر رمضان شُهرة هو الصوم: صِيامٌ من مَطلع الفجر وحتّى الغَسَق لمدة ثلاثين يومًا، ويُكسَرُ كلَّ ليلةٍ بوجبة الإفطار. في حين يبدو للوهلة الأولى أمراً غيرَ مُريحٍ، إلا أن الالتزام بهذه المُمارسة الإسلاميةِ ذاتِ الجذورِ العميقةِ تُحدِثُ نتائجَ إيجابيّة بالغة الأثر. على الرغم من أننا قد نشعر في البداية بالتَّعَبِ والوَهنِ وانعدام التركيز، إلا أنه من المدهش أن تُشاهد قُدرَة جِسمِكَ على التَّكيُّفِ وتَعزيزِ قوّة الإرادة التي تكتسبها من إيمانك.

 

هذا يُعطينا منظورًا صحيحًا ونحن نتذكر أولئك الذين يُعَدُّ الجوعُ حقيقةً يوميةً لهم، ويَشُدّنا إلى حالةٍ أكثرَ هدوءًا تُتيح لنا تَأمُّلَ عَلاقتِنا مع الخالِق. تَقول الموسيقية والناشطة والمترجمة اليوغورية رحيمة محمود: “يُصبح (رمضان) شيئًا تُريد القيامَ به: إنه وقتٌ للسّعادة والسَّلامِ الشَّخصي”. إن الاستغناء عن العديد من احتياجاتنا اليومية المُعتادة يَسمحُ لنا أيضًا بتخصيص المزيد من الوقت لدراسة القرآنِ والصلاة.

 

إنه أيضًا وقتٌ تتقرّب فيه العائلاتُ من بَعضِها ويَربِطنا بالُمجتمعِ الإسلاميِّ الأوسَع. تَقولُ العارِضَةُ البريطانية-الصومالية عائِشة مَحمود: “من اللطيف والمميز أن ترى الكثير من المُسلمين يقومون بذلك معًا. هذا شيء يمنَحُكِ القوَّةَ بالفعل.”

 

 

تخلُّصٌ روحِيٌّ مِن السُّمُوْم

 

رمضان فرصةٌ رائعةٌ لأولئك الذين يريدون إجراء تغييراتٍ في حياتهم، لتحديد نواياهِم وتعظيمِ فوائدَ هذا الشّهر التَّأمُّلي. يَسمحُ لنا هذا التخلُّص الرُّوحيِّ من السُّمومِ بتسليطِ الضوءِ على نِقاطِ ضَعفنا، وتَغذِيَةِ إيماننا، وفي نِهايةِ المَطاف، تحقيقِ أهدافِنا بشكلٍ كاملٍ عبرَ تحسينِ أخلاقنا. وهوَ أيضًا تذكيرٌ بأنَّكَ لَسْتَ مُضطرًا على فِعل هذا بمفردك، إذ يتم فِعلُ كلَّ شيءٍ بِدَعْمٍ مِنَ المُجْتَمَع المُسْلِم. يقول حمّودة عبد العاطي، مؤلف كتاب الإسلام تحت المجهر: “يُنمّي صيامُ رمضان روحَ الانتماءِ الاجتماعي الحقيقية، وكذلك الوِحدَةَ والأُخُوَّةَ والمُساواةِ أمامَ الله”.

 

الصَّومُ فِعلُ عِبادةٍ وامتنانٍ وغُفرانٍ ونُموٍ رُوْحي. أصبحَ قضاءُ وقتٍ مُحددٍ للتفكيرِ في أمور حَياتِنا أكثرَ أهميَّة من أي وقتٍ مَضَىْ، إذْ نَعيشُ في مُجتمعاتٍ تقومُ وبشكلٍ متزايدٍ بتحويلٍ اهتمامنا نحوَ تحقيقِ مكاسِبَ ماديّة بعيدًا عن الله والأُسرة. ولِهذا، فهو فُرْصةٌ لإجراءِ جَرْدٍ أخلاقيٍّ  لنقيِّمَ أساليبَ حياتنا، وَلِنرى كيفَ بإمكاننا تنميةُ قِوانا وَالتَّخلُّصَ مِن نِقاطِ ضَعفِنا. لا يُبشِّرُ هذا بتقدمنا ​​الروحيِّ فَقَط، بل وبالإضافة إلى ذلك، يُمكِّننا مِن تَطبيقِ الانضباطِ والتَّركيزِ الإضافي المُكتَسَب على جميعِ جوانِبِ حياتنا الأُخرى.

 

 

الاستفادة من شهر رمضان كفرصة لغرس تغييرات مستمرة

 

نُطالَبُ في رمضان بالابتعادِ عن أنماطِ العيشِ السِّلبيةِ وتوفيرِ مساحةٍ أكبرَ للحُّبِّ والمودَّة، ويُعلِّمنا كذلك الانْضِباطَ الذاتيَّ المُفيد. يقرّبنا رمضان من الله تعالى، وباختصار، يُبرِزُ أفضلَ ما فينا.

 

لقد كُنت تُمارس عاداتٍ ايجابية بالفعل وبشكلٍ مستمرٍ على مدارِ ثلاثينَ يومًا، مما يَجعلُ مِن فَترَةِ ما بَعْدَ العِيدِ وَقتًا مِثاليًا لإرساءِ بَعضِ هذه المُمارساتِ على المَدَى الطَّويل. لماذا لا نَستَفيدُ مِن زخم قُوة الإرادة المُكتسبة من الصيام لإحداث تغييراتٍ تستمر إلى ما بعد شهر رمضان؟ تقولُ مونيك حَسّان مِن مؤسسة المُسلِم المُنْتِجْ: “إذا ما استمرَّ المُسلمُ في إبداء تغييراتٍ إيجابيةٍ إلى ما بعد رمضان، فهذه ليست فقط إشارةٌ محتملةٌ على أنه قد تم قُبولُ الصِّيام، بل وأيضًا إشارةٌ تَدُلُّ عَلَى تَشَكُّلِ عَادةٍ جَديدة”.

 

 

رمضان والشِّفاء

 

يَأتي مُعظم ما نفكِّر فيه ونفعله كُلَّ يومٍ نتيجةَ العادَة. يمنحنا رمضان استراحة مِن هذا كُلّه، ويُساعِدُنا على تشكيلِ إطار ذهنيٍ مُتعمَّد، ويعطينا فُرصةً للتَّفكيرِ في أنفُسِنا وَعائِلاتِنا. هو وقتٌ للفرحةِ والاحتفاءِ بأحبّائنا، كما أنّهُ يُعطينا نِعمةَ بَيانِ أولوياتنا، حتى نتمكَّنَ مِنْ تَنظيمِ حَياتِنا وِفقًا لذلك.

 

“خُذْ فقط ما يُمكنك القيام به من الأعمال الصالحة، لأن أفضل الأعمال هي التي تجري باستمرار، حتى لو كانت صغيرة.”

– سُنَنُ ابن مَاجه

 

رمضان وقتٌ للتآزُرِ والتَّكاتُف، ويَسْمَح لنا أيضًا بمُشاركَة فوائد الانضباط الذاتيّ والحياة الإيجابيّة مع أطفالنا حتّى يُصبحوا راشِدين مُتَمتِّعينَ بالصحَّةِ والمسؤوليةِ والقُدرةِ على التأثير.

 

إذا كنت قلقًا على ابنٍ يُعاني من اساءةِ استخدامِ الموادِ المُخدِّرةِ أو مِنْ مَشاكِلَ سُلوكية، يَستطيع برنامجُ السّلام تقديم المساعدة. تم  تصميمُ برنامجنا لعلاجِ إدمانِ المواد المُخدّرة خِصّيصًا لعُمَلائنا العرب وسكّان مِنطقة الشَّرْقِ الأوسَط وشمالِ أفريقيا، وهو برنامجٌ ثنائي اللغة، يُراعي الفُروقَ والحَساسِيّات الثَّقافِيَّة، وهو مبنيٌ على فهمٍ مَحليٍّ لدورِ الأُسرَةِ والقِيَم الإسلامية.

 

قُلوبنا تستحِقُّ الشعورَ بالرّاحَة. لتعرف كيف بإمكاننا مُساعدتك على #إيجادـالسَّكينَة، حدَّث إلينا اليوم.