وكيف يعالج؟
ما الإدمان
وكيف يعالج؟
بين يدي هذا الكتاب
صدر هذا الكتاب الإلكتروني ليكون دليلاً يساعدك في تفسير بعض الأشياء الأساسية التي تحتاج إلى إدراكها عن الإدمان وعلاجه، بدءًا من التعريف الدقيق والمحدث لما يُقصد بالإدمان تحديدًا. قد يبدو تعريف الإدمان واضح وبسيط إلا أن الأمر ليس كذلك، إذ أن هناك العديد من المعلومات القديمة وغير الصحيحة عن الإدمان التي تنتشر بشكل عام، والتي تؤدي لا محالة إلى سوء إختيار المرافق العلاجية وطرق العلاج التي يتبناها الفرد الذي يسعى إلى طلب المساعدة للتخلص من الإدمان. وسواء كنت تعاني من مشكلة الإدمان بنفسك، أو تحاول إدراك أبعاد المشكلة ومساعدة أحد المقربين منك، فمن الضروري أن تدرك بشكل صحيح ومناسب ما المقصود بالإدمان وما هي خيارات العلاج المتاحة لتحقيق التعافي الدائم.
وعلى الرغم من أن هذا الكتاب الإلكتروني من إنتاج ونشر مركز الكابين، وهو مركز تأهيل داخلي ذو جودة عالمية في شمال تايلاند، إلا أننا ألفنا هذا الكتاب ليكون دليل موضوعي لإدراك التساؤلات الأساسية التي تتناول طبيعة الإدمان وكيفية علاجه. ومن الواضح أننا حريصون جدًا على إختيار مركزنا للعلاج، ونود أن نضيف هنا أننا ينبغي أن نكون إحدى إختياراتك للعلاج بإعتبارنا مركز للعلاج من الدرجة الأولى يستخدم طرق علاج حديثة وفعالة تحقق مستوى نجاح مرتفع.
يعتبر الإلتحاق بالعلاج الخطوة الأولى للإستمتاع بحياة صحية بعد التعافي، كما يعد واحد من أهم القرارات التي سوف تتخذها في حياتك. ونحن ملتزمون بمساعدتك لتتأكد من إتخاذك القرار الصحيح. يرجى زيارة www.thecabinarabic.com لمزيد من المعلومات وللإتصال بنا.
قام السيد اليستر موردي، مدير البرنامج في مركز إعادة التأهيل من تعاطي الكحوليات والمخدرات، مركز الكابين، بكتابة معلومات ومحتوى هذا الكتاب.
إنتاج ونشر مركز إعادة التأهيل من تعاطي الكحوليات والمخدرات، مركز الكابين. © حقوق الطبع والنشر 2013
ما الإدمان
وكيف يعالج؟
الإدمان مرض يؤثر على نظام المكافآت في المخ ويتصف بضعف الإنتقال العصبي، وخاصة قلة إنتاج الدوبامين. الدوبامين هو المادة الكيميائية الخاصة بالمكافآت في المخ، لذلك ينتاب المصابين بالإدمان الشعور بضعف المكافأة عند المشاركة في الأنشطة التي يجد فيها عامة الناس مكافآت كافية. وهذا يعني أن المصابين بالإدمان يحتاجون إلى علاج أنفسهم بمكافآت أو حوافز أقوى من تلك التي يحصل عليها عامة الناس.
وقد يحدث عدم التوازن في المواد الكيميائية التي توجد في المخ، والتي تسبب الإدمان بل وتعمل على إستمراره بثلاث طرق رئيسية (أو بأكثر من طريقة معًا):
- عادة ما يوصف الإدمان بأنه وراثي كالمرض الأساسي. فقد ثبت أنه وراثي في 50% على الأقل من الحالات، إلا أن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بكثير. في مثل هذه الحالات، يولد المصابون بالإدمان وهم يعانون من ضعف مستوى الدوبامين، والذي يؤدي إلى أعراض مرضية أساسية تتصف بحالة من السأم أو القلق أو الإستياء أو فقدان الإهتمام أو الملل أو إنحراف المزاج أو الكسل أو فقدان المعني أو فقدان الهدف. وعندئذ يضطر المدمن إلى تعاطي المخدرات والكحوليات (أو السلوكيات الأخرى) كطريقة لتخفيف تلك الأعراض.
- يمكن أن تؤدي العوامل البيئية مثل الصدمات النفسية أو سوء المعاملة أو الإهمال إلى تفاقم الإدمان نظرًا لأن هذه العوامل تسبب مشكلات في كيميائية المخ. وقد يؤدي ذلك إلى ضعف نوعية نشاط الدوبامين والحاجة إلى العلاج الذاتي بمكافآت أقوى مما يمكن أن تقدمه الأنشطة العادية.
- يذهب الرأي التقليدي إلى أن الأشخاص يتسببون في الإضرار بوظائف المخ ( وخاصة نظام الدوبامين) الذي يؤثر بشكل سلبي على إنتقال الدوبامين، وذلك عن طريق تعاطي المخدرات أو الكحوليات. وربما تكون هذه هي أقل الطرق المحتملة التي يتحول الفرد من خلالها إلى الإدمان.
وهكذا، على النقيض من الإعتقاد العام، يعتبر الإدمان من الأمراض الأساسية التي لا تنجم عن العوامل الخارجية مثل البؤس أو الصدمات النفسية أو تعاطي المخدرات والكحوليات، غير أن الأمر عكس ذلك تمامًا بالنسبة لمعظم من يعانون من الإدمان. إن إدماننا يدفعنا إلى تعاطي المخدرات، أو شرب الكحوليات، أو المقامرة لأننا نريد أن نعالج “وبشكل ذاتي” الأعراض التي تتسبب بشكل طبيعي أو بيئي في خفض مستويات الدوبامين.
وهذا يعني أن المصابين بمرض الإدمان يحتاجون إلى البحث عن شعور يمنحهم قدر من المكافآت أقوى من تلك التي يحصل عليها عامة الناس. وبمجرد إكتشاف أحد الحوافز أو المكافآت التي تصلح لهذا الأمر مثل المخدرات أو الكحوليات، أو المقامرة، يكتشف معظم المدمنين أنهم أصبحوا عاجزين عن التوقف عن إستخدام هذه المواد أو المكافآت.
إذا تمكنت من تحديد وضعك في إطار هذا العرض العام حول الإدمان، فسوف تجد هذا الدليل مفيدًا لما يلي:
- مساعدتك في إختيار مركز إعادة التأهيل الصحيح للعلاج من تعاطي المخدرات والكحوليات.
- تحديد التساؤلات التي تبحث عن إجابات لها قبل أن تلزم نفسك بمرفق علاجي ما.
- تحديد عوامل الخطر التي قد تنجم عن الإمتناع عن طلب الدعم وتحديد ما إذا كان قد حان الوقت لك للإلتحاق بمركز لعلاج الإدمان.
لماذا لا تستطيع التوقف عن التعاطي، حتى وإن كنت تود ذلك؟
يرجع العجز عن الإمتناع عن تعاطي المواد المخدرة أو المداومة على سلوكيات الإدمان إلى أن نظام المكافآت أو الحوافز (الدوبامين) يمثل آلية البقاء للمخ التي تؤدي وظائفها تلقائيًا وبدون وعي. وينظر المصابون بالإدمان إلى إكتساب الشعور بالمكافأة بإعتباره من الأوليات المهمة تمامًا كشرب الماء بالنسبة لهذا الشخص العادي الذي أشرف على الموت عطشًًا؛ وهكذا يعمل نظام البقاء في المخ للتأكد من حفاظنا على إكتساب ذلك الشعور.
ومع ذلك، من الأهمية بمكان إدراك أن الإدمان مرض مزمن، بمعنى أن علينا أن نجد طريقة لعلاجه، بنفس الطريقة التي نعالج بها مرض السكري أو الأمراض المزمنة الأخرى. لأنه ببساطة ليس كنزلات البرد التي تنتهي أعراضها من تلقاء نفسها. أضف إلى ذلك، يحتاج المصابون بالإدمان إلى أن يفهموا أنهم إن توقفوا عن علاج الإدمان، فسوف تعود الأعراض مرة أخرى، وسوف يرغبون في تعاطي المخدرات أو الكحوليات مرة أخرى للإستمتاع بشعور أفضل.
لذا يقول المدمنون عن أنفسهم أنهم في “مرحلة التعافي”، ولا يصرحون أنهم “تعافوا تمامًا”. فالتعافي عملية مستمرة بصفة دائمة لمدمن المخدرات أو الكحوليات السابق.
إذا كان الإدمان مرضًا مزمنًا، فكيف يمكن العلاج منه بنجاح؟
الطرق الرئيسية المستخدمة لعلاج الإدمان “سلوكية”، بمعنى أنه لا يمكن علاجه بإستخدام الأدوية التقليدية بمفردها، ولكننا نفعل أشياء حتى نشعر بالتحسن. إنها تلك السلوكيات والأدوات وطرق التعامل الجديدة التي عليك أن تتعلمها وتنفذها عندما تلتحق بمركز داخلي لعلاج إدمان المخدرات والكحوليات.
لماذا أحتاج إلى إعادة التأهيل، ألا يمكن تعلم هذه الأشياء في المنزل؟
الإجابة البسيطة لهذا السؤال هي النفي، وإليك الأسباب التالية:
- يثير نظام البقاء التلقائي للمخ مرض الإدمان، لذلك لن يكون تعليم أنفسنا مجرد خيار، إذ من المعروف عن الإدمان أنه المرض الوحيد الذي يستطيع أن يقول لك: أنت لم تصب بالمرض! لذا فمن الضروري للغالبية العظمى من المدمنين قبول المساعدة من الآخرين الذين وجدوا طريقة عملية للشفاء تعتمد على التجربة.
- يساعدك إستشاريوا العقاقير المخدرة ذوو الخبرة في تطوير طرق التفكير والسلوكيات الإيجابية على مدار فترة زمنية طويلة، مع منح المخ وقت لجعل أساليب الشفاء هذه جزء من إستجابته التلقائية.
- أثبتت الدراسات أننا نحتاج إلى مدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر لإدماج طرق جديدة مهمة من التفكير والفعل والتحدث بشكل لا شعوري. وعادة ما يكمل المدمن الذي لديه مستوى مرتفع من الشفاء 6 إلى 12 أسبوع على الأقل من العلاج داخل المركز وشهرين من العلاج خارجه – وربما أطول، إلا أن الإطار في هذه المدة يعتمد على إلتزام وتقدم كل فرد.
- تتصف حياة المدمن بالفوضوية لدرجة أن الأمر قد يتطلب عزل المدمنين عن بيئتهم المباشرة وإستخدام المحفزات – وهي أشياء ستتعلمها بالتفصيل أثناء العلاج – بوصفها من الإجراءات الأساسية للتعافي على المدى البعيد.
ما هي طرق السلوك المستخدمة لعلاج الإدمان بفعالية في مركز إعادة التأهيل للعلاج من تعاطي المخدرات والكحوليات؟
هذا سؤال جيد، تختلف الطرق المستخدمة من مركز إلى آخر، ولكنك ستجد في مواضيع لاحقة بعضًا من أكثر الطرق شيوعًا ونجاحًا لعلاج المدمنين الذين يتعافون:
العلاج السلوكي المعرفي (سي بي تي)
يُعلِم العلاج السلوكي المعرفي (سي بي تي) أساليب العلاج الذاتي والتدريبات التحريرية التي تؤدي فورًا إلى الحد من التوتر والإكتئاب والقلق والخوف والشعور بالذنب.
الخطوات الإثنا عشر (12)
تعزيز الشعور بالإنتماء، وأنك ذو فائدة للآخرين (الشعور بأن الآخرين يحتاجون إليك)، والحد من الشعور بأنك أقل من الآخرين (الخجل)، والقدرة على إدارة الغضب بشكل صحي، وتبني الأساليب المتبعة لعلاقات الشفاء.
تأمل اليقظة
تقوي قدرتنا على التركيز ومراقبة عمليات التفكير السلبي، الذي يؤدي إلى وجود تغيرات صحية في المخ وإلى توازن المزاج.
التدريبات البدنية
تحفز المواد الكيميائية في المخ، وتساعدنا على الشعور بالمكافآة والتحفيز والهدوء.
ثبت أن العمليات العلاجية السلوكية التي تم وصفها أعلاه تقوم بتحفيز إفراز الدوبامين بمعدل بطيء ومستمر وصحي، وهي المادة الضرورية لإستقرار المزاج والصحة الإنفعالية. وعادة ما تشكل هذه العمليات العلاجية أساس أي برنامج ناجح لعلاج تعاطي المخدرات أو الكحوليات.
لماذا يتصف العلاج السلوكي بالفعالية الكبيرة في علاج إدمان المخدرات والكحوليات؟
يرجع سبب استخدام العلاج السلوكي للإدمان بنجاح كبير إلى حقيقة أنه على الرغم من أن الإدمان يعتبر من الأمراض البيولوجية، إلا أنه أدى إلى تطور بعض السمات الشخصية الراسخة، التي تعمل كآليات تعامل حتى نواجه الحياة بحالة الإدمان الموجودة لدينا. وهذا يعنى أننا نفتقد التنظيم في طريقة تفكيرنا وشعورنا وتصرفنا إستجابة للمرض وللأحداث من حولنا.
إن مجرد الإمتناع عن المخدرات أو الشراب لن يتركنا دون أعراض مرضية، إذ من المتوقع أن تعاود هذه الأعراض الظهور إذا لم نفعل شيئًا، ولكننا في الغالب نجهل تلقائيًا ما ينبغي فعله. فعلى الرغم من قدرة الأدوية على وقف أو تثبيط أعراض الإدمان، إلا أن تعلم طرق التفكير والتصرف الجديدة تساعد المخ بالفعل على إدراك ما ينبغي فعله، وهو الإجراء الذي يؤدي إلى تحسن حالة المخ بشكل أفضل. يطلق على هذه العملية ليونة المخ- أو بعبارة أخرى قدرة المخ على تغيير نفسه بفعل أشياء مختلفة.
يرى المعهد القومي لعلاج تعاطي المخدرات1 أن العلاج الفعال لتعاطي المخدرات والكحوليات يشمل العلاج السلوكي والأدوية أو الجمع بين الإثنين وهو الأسلوب الأمثل. ومن الأهمية بمكان إدراك أن عمليات العلاج السلوكي تختلف في نهجها ونتائجها. حيث يمكن أن تشمل:
- التعامل مع دافع التغيير لدى المرضى
- تحديد الحوافز التي تدفع نحو التوقف عن تعاطي المخدرات أو الكحوليات
- تطوير المهارات لمقاومة تعاطي المخدرات
- دمج الأنشطة البناءة والتي تقدم المكافأت لتحل محل ممارسات تعاطي المخدرات
- رعاية مهارات حل المشكلات
- إقامة علاقات شخصية أفضل مع الأسرة والأصدقاء
من الضروري أيضًا التعرف على نموذج العلاج الذي يستخدمه مركز إعادة التأهيل للعلاج من تعاطي المخدرات أو الكحوليات قبل أن تتخذ قرارك بالإلتحاق بالمركز لتلقي العلاج داخليًا، وخاصة إذا كنت تعتقد أنك تحتاج إلى عقار طبي لإزالة السموم كمرحلة تمهيدية في برنامج التعافي الخاص بك.
_______________
1 المعهد القومي لتعاطي المخدرات (2011) http://1.usa.gov/VgUoAQ (استعادة 28/10/2012)
بمقدور بعض مراكز علاج الإدمان توفير مزيلات السموم الطبية الخاضعة للإشراف والتي لا تقدمها مراكز أخرى. وقد تدعمك هذه المراكز إذا تعرضت لأعراض إنسحابية، غير أن العديد من المراكز لا تمتلك التجهيزات أو طاقم العمل اللازم للتعامل مع حالات الطوارئ الطبية.
ويمكنك العثور أدناه على قائمة تضم بعضًا من أكثر الأدوية شيوعًا والمتوافرة حاليًا لعلاج إدمان الأفيون والأمفيتامين والكحول:
- يستخدم الميثادون، والبوبرينورفين (سابوتيكس، سابوكسون)، والنالتريكسون (بما في ذلك الفيفيترول طويل المفعول) لعلاج مدمني المواد الأفيونية (مثل الهيروين، وهي المواد المعروفة بتخفيفها للألم).
- عادة ما يُمنع مستخدمي الأمفيتامينات مثل الكوكايين، والميثامفيتامين، واليابا، وغيرها من إستخدام الأدوية أثناء مرحلة إزالة السموم إلا في الحالات التي يعاني فيها المدمنون الشريهون من أعراض الذهان. وفي هذه الحالة يمكن أن يصف لهم الأطباء أدوية مضادة للذهان.
- تعد البنزوديازيبينات أفضل الأدوية التي يمكن أن توصف للتعامل مع إزالة سموم الكحوليات. أما الكلورديازيبوكسيد فهو من أكثر المواد الشائعة التي تستخدم في حالات إزالة السموم الطبية. وعقب عملية إزالة السموم، يمكن إستخدام أكامبروسات (كامبرال)، ونالتريكسون، و توبيرامات (توباماكس) لعلاج الرغبة الشديدة في العودة إلى الكحوليات والإعتماد عليها.
تعتبر إزالة السموم الطبية خطوة أولي أساسية في علاج بعض حالات الإدمان، غير أنه من الضروري أيضًا إدراك أن مزيلات السموم لا تقدم سوى القليل وحدها لتغيير الأنماط أو السلوكيات أو الآثار طويلة المدى التي يسببها تعاطي المخدرات لفترات طويلة.
Comments are closed.