إعادة التأهيل من الكحول

إعادة التأهيل من الكحول

يبقى تناول الكحول هو المدخل الأساسي لمرض استخدام الكحول أو ما يسميه البعض إدمان الكحول. يعاني حوالي 7 % من البالغين فوق 18 عاما في الولايات المتحدة وحدها من مرض استخدام الكحول AUD حسب إحصائية عام 2012 . فهل مرض استخدام الكحول أمر قدري لا مفر منه أم أنه من الممكن التعافي منه؟ وما أسبابه ؟ وما أنواع مرضى استخدام الكحول؟ وما مراحل التعافي إن كان ممكنا؟ وما هي العقبات التي قد تواجه مريض استخدام الكحول؟

في هذا المقال سوف نجيب على هذه التساؤلات مع الأخذ في الاعتبار أن المقال لا يغني عن طلب النصيحة الطبية المتخصصة لكل حالة على حدة.

screen-shot-2016-11-07-at-10-56-51-am

هل يمكن التعافي من مرض تناول الكحول؟

ينبغي علينا للتعرف على  إجابة هذا السؤال استطلاع واقع الأبحاث التي أجريت على حالات مرض استخدام الكحول alcohol use disorder  للوقوف على إمكانية التعافي المثبتة علمياً، فقد وجد أنه من الممكن إعادة تأهيل مريض استخدام الكحول، ولا يشترط لإعادة تأهيل مدمن الكحول دخول المريض إلى مصحة، حيث إن دراسة نشرت عام 1989 قارنت بين 87 مريضاً باستخدام الكحول تم علاجهم منزلياً ( خارج المستشفى”Out patient”  ) و77 مريضاً تم علاجهم في المستشفى وخلصت الدراسة إلى أن العلاج خارج المستشفى للمرضى من ذوي حالات الإدمان الخفيفة والمتوسطة فعال وآمن وأقل في التكلفة.

أسباب انتشار مرض استخدام الكحول

بالتأكيد لا يرغب أي شخص أن يقضي بقية حياته في معاناة مع الكحول، لكن البداية غالباُ ما تكون اختيارية ثم يفقد المريض السيطرة على قراراته. ويبدو -بحسب موقع مراكز الإدمان الأمريكية– أن ضغط الأقران سبب مؤثر في بداية التعاطي والذي قد لا يكون ممتعاً في أول الأمر ولكن الأصدقاء يزينونه ويضغطون في اتجاه التجربة الأولى والتي تصل بالأمر إلى الإدمان حال تكرارها ويصعب بعدها التوقف عن تناول الكحول.

كما وجدت إحدى الدراسات تأثيراً للجينات الوراثية في عملية إدمان الكحول. بالطبع ليس الأمر كما قد يطرأ على ذهن القارئ، فلم يتم اكتشاف “جين إدمان الكحول” إلا أنه تم اكتشاف بعض الجينات التي تزيد من قوة الكحول وتقلل من أثر الثمالة، الأشخاص الحاملون لهذه التركيبة الجينية لا يشعرون سريعاً بالتعب حال تعاطي الكحول مما يجعلهم أكثر عرضة لإدمانه. ونلفت الانتباه إلى أن الأبوين لهما دوراً مؤثرا في أبنائهم إذا أعطوهم نموذجاً سيئاً لسلوك تناول الكحول.

screen-shot-2016-11-07-at-10-58-48-am

مراحل إعادة تأهيل مدمن الكحول

بعد أن حدثت المشكلة لا بد من البحث عن حلول، وبحسب Mayo clinic يتم اتباع نظام علاجي من عدة خطوات لإعادة تأهيل مدمن الكحول:

  • يومان إلى أسبوع للتخلص من السمية والوقاية من أعراض الانسحاب وقد يتضمن ذلك تعاطي المهدئات.
  • تعليم المهارات المعينة على تحديد الأهداف وأساليب تعديل السلوك وتتم من خلال متخصصين في مركز علاجي.
  • الاستشارات النفسية والتي تلعب العائلة أيضاً دوراً مهماً فيها وتساعد هذه المرحلة المريض على التعافي من الآثار النفسية لاستخدام الكحول.
  • العلاج الدوائي عن طريق الفم مثل دايسالفيرام، نالتريكسون وأكامبروسات وتوصف عن طريق الطبيب المختص.
  • العلاج بالحقن والذي يتضمن حقنة نالتريكون شهرياً ويتم حقنها بواسطة الشخص المتخصص، وتتميز الحقنة عن الأقراص أنها أسهل في الالتزام للأشخاص المتعافين من مرض استخدام الكحول.
  • الدعم المستمر عن طريق برامج الرعاية ومجموعات الدعم والتي تعاون في إعادة تأهيل مدمن الكحول المتعافي ليتوقف عن التعاطي ويستطيع إدارة الانتكاسة والتماشي مع التغييرات الضرورية في نمط المعيشة.
  • علاج المشكلات النفسية حيث إنه من الشائع أن يصاحب مرض استخدام الكحول مشكلات عقلية مرضية كالقلق المرضي والاكتئاب ، ولذلك لا بد من التعامل مع هذه المشاكل ومعالجتها.
  • علاج المشكلات الصحية التي قد تستمر بعد التعافي، و إن كان المتوقع على الأرجح أن تتحسن المشاكل الصحية المتعلقة بمدمن الكحول بعد التعافي.
  • التعبد أو الممارسة الروحية حيث إنه من المتوقع أن يجد المتعافي إعادة التأهيل من الكحول أيسر حال انخراطه في بعض الممارسات التعبدية والروحية.

ما العقبات التي قد تواجه مدمن الكحول؟

أقسى عقبة يواجهها مريض استخدام الكحول ربما تكون الانتكاسة، حيث أثبتت الدراسات أن الانتكاسة قد حدثت لدى 40 – 60 % من الحالات التي كانت قد تعافت بالفعل من تناول الكحول. من العقبات الشائعة أيضا:

  • الملل من أشد المحطات المعرقلة لعملية التعافي، والتي عادة ما تكون المرحلة الأولى من العلاج.
  • افتقاد الهدف في الحياة.
  • ضعف القناعة سواء بأهمية التعافي من الكحول أو بإمكانية تنفيذه.

screen-shot-2016-11-07-at-10-59-05-am

ختاماً وكما سبق أن أوضحنا أن إعادة التأهيل من الكحول أمر ممكن، بل ويمكن أن يتم دون دخول مصحة لعلاج الإدمان في كثير من الحالات، ولذلك فأولى الخطوات التي على مدمن الكحول اتباعها لتخطي العقبات التي قد تواجهه في رحلة التعافي هي ترسيخ قناعته الشخصية بأهمية التعافي وذلك عن طريق الاطلاع على أضرار الاستمرار في تناول الكحول صحياً ونفسياً واجتماعياً.

كما ينبغي عليه ترسيخ قناعته الشخصية بقدرته على التعافي عن طريق مطالعة قصص نجاح متشابهة مع حالته وعبر المحادثات الإيجابية التعزيزية مع المتخصصين ومع الأقرباء. عليه أيضا أن يتخلص من الفراغ المؤدي إلى الملل وأن يشغل أوقاته بأعمال متنوعة تصب في هدف واضح لحياته الشخصية، وأن يؤمن إيماناً عميقاُ أن الانتكاسة الواردة الحدوث ليست فشلاً نهائياً وإنما هي مؤشر لوجوب بدء مرحلة جديدة من العلاج.