هل الإدمان مرض؟ وهل هو عضوي أم نفسي؟
هل الإدمان مرض؟ وهل هو عضوي أم نفسي؟
“إذا أدمنت مرة، فستظل مدمنًا”. ترسخت هذه المقولة في عقول الكثيرين مما يدفع المدمن للتساؤل، هل هذا صحيح؟ وهل يمكنني أن أشفى نهائيًا من مرض الإدمان؟ لمعرفة الإجابة على هذا السؤال يجب تشخيص الإدمان أولًا، هل الإدمان مرض أم لا؟ هل هو مزمن؟ هل هو مرض عضوي أم نفسي؟
اختلف الأطباء حول ما إذا كان الإدمان مرض أم لا، فمنهم من يرى أن الإدمان مرض دماغي، لأنه يؤدي بالفعل إلى خلل في بعض دوائر المخ الأساسية، ومنهم من يفسر الإدمان بأنه ليس مرض وإنما هو “اضطرابات” أو “متلازمة”، لأن مسببات الأمراض العقلية ليست مفهومة جيدًا حتى الآن.
غير أن التفسير الشائع هو أن الإدمان يناسب مفهوم الاضطراب سواءً كان سلوكيًا أو عقليًا أو نفسيًا، طالما تواجدت لدى المدمن الرغبة في التعاطي الذي يؤدي إلى السلوك المختل والاضطراب العقلي.
وإذا كان الإدمان يؤدي إلى حدوث تغيرات في شخصية المدمن ويؤثر سلبًا على إرادته، إلا أنه لا يدمر هذه الإرادة كلياً، فيمكن للمدمن التوقف عن تعاطي المخدرات إذا أراد ذلك، ويحدث هذا عندما يجد المدمن أنه يعاني بسبب الإدمان أكثر من اللازم، سواءً كانت هذه المعاناة نفسية أو صحية.
يؤيد هذا الرأي أن التغيرات التي تحدث في المخ نتيجة الإدمان تختفي عندما يتوقف المدمن عن التعاطي.
مرض الإدمان عضوي أم نفسي؟
انقسم الأطباء إلى رأيين، السائد هو أن الإدمان مرض عضوي في الدماغ، ويؤيد هذا الرأي الجمعية الأمريكية لطب الإدمان التي تضم أكبر مجموعة مهنية للأطباء المتخصصين في علاج إدمان المخدرات، حيث تعرّف الإدمان بأنه “مرض دماغي مزمن يؤثر على دوائر المخ العصبية المسؤولة عن مشاعر المكافأة والتحفيز والهدوء”.
ولكن الاقتصار على تعريف الإدمان بأنه مرض من أمراض الدماغ لا يفسّر البُعد الاختياري أو الإرادي للمدمن، لأن مصطلح “أمراض الدماغ” غالبًا ما ينطوي على عدم السيطرة على السلوك، وهذا يخالف الواقع، فالمدمن له إرادة وإن كانت ضعيفة، وقادر على التحكم في قراراته والاستجابة للحوافز.
كما يهمل هذا التصور حقيقة أن الأفراد يقومون بتعاطى المخدرات لأسباب متعددة، فهناك عوامل نفسية تحفّز على الإدمان، مثل الظروف المجتمعية أو البيئة المحيطة بالمدمن.
في عام 1970، قدّر الأطباء العسكريون في فيتنام أن ما يقرب من نصف المجندين في الجيش الأمريكي الذين يحاربون في فيتنام قد قاموا بتجربة تعاطي الأفيون والهيروين، وما بين 10% إلى 25٪ كانوا مدمنين بالفعل. بعد أن خضع الجنود للعلاج وعادوا إلى منازلهم، توقف معظمهم عن تعاطي المخدرات، فبمجرد أن أصبحوا في منازلهم وتغيرت البيئة التي كانت حافزًا لهم على التعاطي، فقد الهيروين جاذبيته.
يفسر الأطباء ذلك أن المواد الأفيونية مثل الهيروين وغيره من المخدرات ساعدتهم على تحمل نوبات الملل والخوف في الحرب، ولكن في بلدهم استغرقتهم الحياة المدنية، بالإضافة إلى السمعة السيئة التي تلحق بالمدمن، وارتفاع أسعار الهيروين، والخوف من إلقاء القبض عليهم، كلها عوامل ساهمت في توقفهم عن تعاطي المخدرات، وهذا يفسر أن المدمن له إرادة، مما يؤكد الرأي القائل بأن الإدمان ليس مرضًا عقليًا.
أضف إلى ذلك أن 5٪ فقط من الجنود المدمنين قد انتكس خلال 10 أشهر بعد العودة، و12٪ فقط انتكس لفترة قصيرة في غضون 3 سنوات، وهذه نسبة معقولة توضح حقيقة أن مرض الإدمان ليس مزمن، وأن مدمني المخدرات يمكنهم الإقلاع عنها.
العلاج من مرض الإدمان
يحتاج المدمن لعلاج الشقين الدماغي والنفسي للتخلص من مرض الإدمان، الدماغي عن طريق الأدوية، والنفسي عن طريق الجلسات العلاجية والرعاية المستمرة.
ننصح بتلقي العلاج لدى مركز لعلاج الأدمان، تحت إشراف أطباء متخصصون، ومركز الكابين العربي هو أول مركز بتايلاند يقدم برنامج علاجي شامل من إدمان الكحوليات والمخدرات لمتحدثي اللغة العربية، بالإضافة إلى علاج المشكلات النفسية المتكررة مثل الصدمات النفسية والقلق والاكتئاب التي غالبًا ما تصاحب مرض الإدمان.
Comments are closed.