ماهي عوامل خطر إدمان الكحوليات والمخدرات؟
ماهي عوامل خطر إدمان الكحوليات والمخدرات؟
5 مارس 2015/ كتبه اليستر موردي
شارك الآخرين في هذه الورقة
تمكنا- بفضل التقدمات الحديثة التي شهدها الميدان الطبي- أن نثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الإدمان هو في واقع الأمر مرض. إنه مرض عصبي مزمن يتصف بإختلال نظام التحكم في الدوبامين بالمخ. لذا نجد أن الأفراد الذين يمتلكون هذا الإستعداد المسبق في المخ يبحثون بنشاط عن شيء يزيد من إفراز الدوبامين، وذلك من أجل الحفاظ على الشعور بالرضا الذي يجده بسهولة معظم من لديهم تحكم طبيعي في الدوبامين من خلال الغرائز الأساسية مثل الطعام والشراب.
ومع إعتياد المخ على مستويات الدوبامين التي يفرزها إستهلاك المخدرات، يصبح من الصعب الإستمتاع بنفس مستويات اللذة من خلال الميادين الأخرى من الحياة اليومية للمتعاطي. وجدير بالذكر أن للكوكايين والميثامفيتامين فعالية خاصة في خداع المخ ليفرز كميات غير عادية من الدوبامين، وهي ما يتطلع إلى تحقيقها – بتعاطي المخدرات- من يعانون من إنخفاض التحكم في مستوى الدوبامين بالمخ.
يقال أن ضعف الوظائف العصبية ليست السبب الوحيد لإدمان المخدرات، فمن غير المحتمل أن يقع كثير من الأفراد الذين لديهم هذا الإستعداد فريسة لتعاطي المخدرات والكحوليات؛ فهناك العديد من العوامل المختلفة التي يمكن إعتبارها من أسباب الإدمان، وغالبًا ما تتحد الكثير من هذه العوامل لتؤدي إلى الإدمان.
عوامل خطر الإدمان
إدمان المخدرات ليس مجرد نتيجة لمشكلة أو قضية واحدة بعينها في حياة المتعاطي، فقد تنجم أيضًا عن عدد من المواقف والعوامل المختلفة التي يتعرض لها المدمنون.
هناك ثلاثة ميادين رئيسة لعوامل الخطر التي تسهم في إدمان المخدرات، تشمل الإستعداد البيولوجي المسبق، والعوامل والتأثيرات البيئية، بالإضافة إلى إختيار نوع المخدرات وطريقة تعاطيه. وسوف نناقش فيما يلي عوامل خطر إدمان المخدرات الثلاثة بمزيد من التفاصيل أدناه:
1. العوامل البيولوجية للإدمان
- الجينات
يتوقف إدمان المخدرات بنسبة 50% تقريبًا على الجينات الوراثية التي تنتقل من جيل إلى آخر. فعلى أرض الواقع، يعتبر أبناء المدمنين أكثر إحتمالاً للإصابة بالإدمان، حيث تزداد فرص إدمانهم عن فرص إصابة أبناء الأسر غير المدمنة للمخدرات أو للكحوليات بثمانية أضعاف تقريبًا. ولا يعني هذا بالضرورة أن تتحول جميع الأسر للإدمان إذا كان في تاريخها العائلي أحد المدمنين، ولكنه يعني أنها ستكون أكثر عرضة لمخاطر إدمان المخدرات من الأسر الأخرى.
- المرض النفسي
الأفراد الذين يعانون من الأمراض النفسية مثل الإكتئاب، وعصاب العقب، وإضطراب نقص الإنتباه مع فرط النشاط، والإضطراب ثنائي القطب هم الأكثر إحتمالاً للإصابة بإضطراب تعاطي المخدرات؛ فغالبًا ما يعتمد ذوو الأمراض النفسية على المخدرات والكحوليات كآلية للتغلب على المشكلات التي قد يواجهونها بسبب هذا الإضطراب. وقد يؤدي هذا الإعتماد على المخدرات أو الكحوليات بصفة مستمرة إلى الإدمان.
- الجنس
ما زال الجنس يمثل حتى الآن قضية جدلية، إلا أن الدراسات التي أجريت في مراكز علاج الإدمان توضح أن الإدمان قد يعتمد على الجنس، حيث يزيد عدد مدمني الكحوليات والمخدرات من الذكور عن المدمنين من الإناث.
2. المخاطر البيئية وتأثيراتها على إدمان المخدرات
- البيت والأسرة
قد تكون الحياة في البيت واحدة من أكبر عوامل الخطر التي تؤدي إلى إدمان المخدرات. وتذهب الإحصائيات إلى أن أبناء الأسر ذات السلوك السيء أو تلك الأسر التي لا تقدم لأبنائها الرعاية المناسبة أكثر احتمالاً للإصابة بالإدمان. ويتم تعاطي المخدرات والكحوليات بإعتبارها بديلاً إنفعاليًا للتعاسة التي يجدونها في المنزل.
أضف إلى ذلك، قد تؤثر الأسرة التي يتعرض فيها الأبناء بإستمرار إلى المخدرات أو الكحوليات في التطور المحتمل لإضطرابات تعاطي المخدرات أو الكحوليات.
- العمر
أثبتت الدراسات أنه كلما تعرض الفرد للمخدرات أو الكحوليات في سن مبكرة أصبح أكثر عرضة للإصابة بالإدمان، إذ يمر المخ بمرحلة النمو والتطور في سن المراهقة، لذا قد يؤدي تعاطي المخدرات في تلك السن إلى تغيير طرق نمو المخ ووظائفه، وبالتالي يجعل من الإدمان أكثر إحتمالاً في مرحلة لاحقة من العمر.
- تأثير الأقران
من المتوقع أن ينشط تأثير الأقران خلال سنوات المراهقة، وهي المرحلة العمرية التي يكون فيها الناس عرضة للأخطار، حيث تعتبر الضغوط التي تمارس على الفرد من أجل تحقيق القبول الإجتماعي والإعجاب من الأقران واحدة من أكثر الأسباب شيوعاً لقيام المدمن بتجربة المخدرات أو الكحوليات في المقام الأول. ويتصف المدمنون عادة بضعف مهارات التعايش، وغالبًا ما يجدون صعوبة جمة في رفض دعوة الأصدقاء لهم بتجربة المخدرات. وهكذا يقرر هؤلاء المشاركة في الغالب فقط من أجل إرضاء الآخرين وليشعروا بأنهم في إستطاعتهم التكيف مع موقف ما.
- الإجهاد
قد يؤدي ضعف مهارات التعايش إلى عدم القدرة على التعامل مع مسببات الإجهاد اليومية، إذ قد تدفع مستويات الإجهاد المرتفعة الأفراد إلى إستخدام المخدرات والكحوليات كوسيلة للهروب، وكطريقة للتعامل مع الحياة اليومية. وينطبق ذلك تحديدًا على الوظائف التي تنطوي على الكثير من الضغوط والإجهاد، مثل العمل في البورصة أو القطاعات المصرفية، إذ يلجأ العديد من أصحاب هذه المناصب إلى المخدرات كطريقة للتعامل مع الضغوط وساعات العمل الطويلة.
نوع المخدرات وطريقة تناوله كعوامل خطر الإدمان
- نوع المخدرات
قد يكون الإدمان نتيجة لنوع المخدر الأول الذي جربه المدمن أو بدأ في إستخدامه، حيث تمتلك أنواع المخدرات مثل الهيروين والكوكايين قدرة بالغة على إصابة الفرد بالإدمان، لذا فإن الفرد الذي يستخدم مثل هذه الأنواع من المخدرات هو الأكثر إحتمالاً للوقوع فريسة لإدمان المخدرات مقارنة بمستخدمي الأنواع الاقل مثل الماريجوانا.
- تعاطي المخدرات
يقصد بتعاطي المخدرات طريقة إستخدام المخدرات، فالمخدرات التي تؤخذ عن طريق الحقن أو التدخين أسرع أثرًا من تلك التي تؤكل، وعلى الرغم من قوة النشوة التي يشعر بها المدمن، إلا أنها لا تستمر لفترة طويلة كالعديد من الطرق الأخرى. لذلك يحتاج المستخدم إلى الإكثار من تعاطي المخدرات للحفاظ على تلك النشوة، وهذه طريقة من الطرق التي تؤدي بسهولة إلى الإدمان.
لن تجد ذلك الشيء الذي غالبًا ما يؤدي بمفرده إلى إدمان المخدرات أو الكحوليات، إذا أن ما يؤدي إلى الإدمان فعلاً في معظم الأوقات هو إجتماع عدد كبير من تلك العوامل أعلاه. ولا شك أن الإدمان مرض من الأمراض، ولكنه أيضًا نتيجة لتراكم المخاطر والعوامل التي يتعرض لها الأفراد، ولطرق تعامل الأفراد مع مثل هذه المواقف. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يلتزم هؤلاء الذين كان لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بأمراض القلب بإتباع حمية غذائية صارمة ونظام للتمرينات الرياضية من أجل تقليل فرص الإصابة بنفس مشاكل القلب. أما بالنسبة لهؤلاء الذين يقعون تحت تأثير العوامل الوراثية وعوامل الخطر الأخرى التي تؤدي إلى وجود الإدمان في حياتهم، فينبغي فهم وتحديد تلك العوامل وإتخاذ ما يلزم من الحيطة والحذر لتقليل فرص الإصابة بالإدمان.
ماهي عوامل خطر إدمان الكحوليات والمخدرات؟.pdf
Comments are closed.