التخلص من الإدمان
التخلص من الإدمان
ما بين مشاكل تدهور الصحة والانسحاب المجتمعي وعدم القدرة على مواصلة العمل والحياة بشكل طبيعي، تظهر أضرار الإدمان على المصابين به والذين يكونون قد تأكدوا من أن تعاطي المخدرات لم يعد مجرد لحظات متفرقة يسرقوها من الزمن وإنما تحول إلى إدمان ومرض يصعب التخلص منه، ولكن بعد فوات الوقت.
ثم تستمر محاولات البحث عن طريقة للعلاج والمحاولة لإنهاء هذا الكابوس الذي بدأ، ليظل السؤال الأكثر أهمية: كيف أتخلص من الادمان ؟
كيفية علاج الإدمان
تنقسم مراحل التخلص من الإدمان إلى ثلاث مراحل رئيسية، أولها مرحلة ما قبل علاج الادمان، وثانيها المرحلة الفعلية للعلاج من الإدمان، وثالثها مرحلة ما بعد العلاج.
مرحلة ما قبل علاج الإدمان
يجب على كل من يعاني من الإدمان سواء إدمان المخدرات أو إدمان الكحول أن يعترف لذاته في البداية بأنه مدمن وأنه أصبح في أشد الاحتياج للعلاج من هذا المرض كي يسترد صحته وحياته الطبيعية من جديد، فبدون هذا الاعتراف لن تجدي محاولات العلاج نفعاً خاصة أنها تتطلب إرادة وعزيمة حقيقية.
كما يكون للأسرة دور حيوي في دعم المدمن نفسياً ومعنوياً لتشجيعه على تلقي العلاج والاستمرار فيه ويكون عليهم دور آخر في ترتيب مواعيد إجازته من الدراسة أو من العمل، حيث أن رحلة التخلص من الإدمان عادة ما تحتاج عدة أشهر وربما تصل إلى عام كامل في الحالات المتأخرة.
المراحل الفعلية في علاج الإدمان
تنقسم المراحل الفعلية في علاج الإدمان إلى 4 مراحل، ويُفضل أن تتم جميعها داخل مصحة متخصصة ومعتمدة في علاج الإدمان وهي:
- مرحلة الانسحاب: هي المرحلة التي تعتبر الأصعب جسدياً على المدمن، ويتم خلالها عزل المدمن في غرفة منفصلة ومنعه من تناول أي مواد مخدرة أو مسكنة إلا بأوامر الطبيب لفترة زمنية تختلف طولها أو قصرها حسب حالة كل شخص، إلا أن الأكيد أنها تكون فترة مؤلمة على المدمن يعاني خلالها من صداع مزمن وآلام عظام وأحياناً رشح في الأنف وتعتبر جميع تلك الأعراض من أعراض انسحاب المخدر من الدم.
- مرحلة العلاج السلوكي: في هذه المرحلة يبدأ المريض تعلم تقنيات ومهارات تساعده في عدم العودة للإدمان مرة أخرى، ويكون هذا من خلال جلسات العلاج النفسي والسلوكي والتي أحياناً ما تتم بشكل جماعي حيث يعمل هذا على تشجيع المدمنين لبعضهم البعض على العلاج.
- مرحلة الاستشارات النفسية: يتم في هذه المرحلة إجراء جلسات نفسية تحت إشراف متخصصين، يقوم خلالها كل مريض بالتعبير عن حالته وشعوره سواء خلال مرحلة الإدمان أو بعد بدئه في تجربة العلاج، وتساعد تلك الجلسات سواء كانت جماعية أو فردية في اكتشاف أي خلفيات نفسية محتملة وراء الإدمان، ومن ثم تشجيع الحضور على عدم الانسياق وراء رغباتهم والعودة للمخدرات مرة أخرى، ويتم كذلك خلالها الإجابة على سؤال كيف أتخلص من الإدمان نهائياً وأضمن ألا أعود إليه مجدداً؟
- مرحلة الدعم الدوائي: تختلف تلك المرحلة من حالة لأخرى باختلاف المخدر الذي اعتاد المدمن على تعاطيه، وبالطبع لا يتم تناول الأدوية المساعدة على العلاج إلا تحت إشراف الطبيب ويكون لها تأثير ثانوي وليس رئيسي في رحلة التخلص من الادمان ، على سبيل المثال: يستخدم عقار (البوبرينورفين) لعلاج إدمان الهيروين وتُستخدم عقاقير (الفارينكلين وبوبروبيون) للأفراد المدمنين على التبغ، بينما تستخدم عقاقير (ديسفلفرام، الأكامبروسيت، والنالتريكسون) لعلاج إدمان الكحول.
مرحلة ما بعد العلاج
تعتبر مرحلة ما بعد العلاج من الإدمان أكثر مرحلة حساسة في رحلة التخلص من الإدمان لأن خلالها يتضح مدى قابلية المدمن للانتكاسة والعودة مرة أخرى للتعاطي، وعندها يضطر لبدء رحلة العلاج من جديد.
تتطلب تلك المرحلة الدعم النفسي المستمر للمريض بعد مروره بالمراحل السابقة ويكون هذا هو دور الأسرة والأصدقاء الذين يقع عليهم عامل تشجيع المدمن على عدم العودة للتعاطي مرة أخرى وإشعاره بأنهم قد نسوا ماضيه وأصبحوا متقبلين التعامل معه من جديد.
كما يشمل استكمال جلسات العلاج النفسي تحت إشراف الطبيب المعالج؛ لأنه يكون أجدر الأشخاص على الحكم على حالة تقدم أو تأخر مريضه وعلى إجابة أسئلته ومخاوفه المتمثلة في “كيف أتخلص من الإدمان وأضمن ألا أعود له مجددا؟”
كما يستطيع أن يحدد ما إن كان يحتاج لحضور جلسات علاج جماعي أم لا وما إن كان معرضاً للإصابة بالاكتئاب أم أن حالته أصبحت مستقرة، ويعتبر هذا منفصلاً عن برنامج الدعم الروحي الذي يعتمد أكثر على زيادة درجة إيمان وتدين الفرد المدمن واقتناعه بأن الله قادر على مساعدته لحين التخلص من الادمان نهائياً.
يختلف أسلوب علاج الإدمان ومدته من حالة لأخرى وهذا الاختلاف يتحدد وفق عدة عوامل، أهمها:
- درجة إدمان المريض
- طبيعة المخدر نفسه
- عُمر المدمن
- الحالة الصحية العامة للمريض وما إن كان يعاني من أزمات في جهازه العصبي من قبل أم لا
- درجة قابلية المدمن للعودة للإدمان مرة أخرى
يعتبر برنامج علاج الادمان بالخطوات الاثنى عشر أشهر برنامج مُتبع في أبحاث كيفية علاج الإدمان لدى المصحات المعتمدة ولدى المراكز الحقوقية والمنظمات الإنسانية، فالفكرة الأساسية وراء برنامج الخطوات الاثنى عشر هو العمل على مفهوم (الامتناع عن كل ما يُضعف الإنسان) الذي يمثل أساس علاج الإدمان، وكذلك العمل على إعادة التواصل الطبيعي مع أفراد الأسرة والمجتمع ككل لضمان العودة للحياة الطبيعية بالتدريج.
Comments are closed.